انتظمت يوم الأربعاء 15 أكتوبر/تشرين الأول 2025 بمقر اتحاد إذاعات الدول العربية بتونس، الندوة الإخبارية السنوية حول "تجربة الاتحاد في اعتماد مراسلين إخباريين في مناطق الحروب وسبل تطويرها – فلسطين نموذجا"، بحضور أعضاء لجنتي الأخبار والإعلام الجديد في الاتحاد وممثلي اتحاد الإذاعات الأوروبية واتحاد الإذاعات الآسيوية ووكالة "سبونتيك" الروسية للأنباء أحد الشركاء الرسميين للاتحاد .
وقد تميّزت الندوة بمشاركة مراسلي الاتحاد في الأراضي الفلسطينية بتقنية التواصل عن بعد :
- صفاء الهبيل وفؤاد جرادة مراسلا الإتحاد في قطاع غزة
- ميساء الأحمد مراسلة الاتحاد في الضفة الغربية والقدس المحتلة
وقد قدّموا مداخلات مصورة مسجّلة ومباشرة من غزة ومن رام الله، استعرضوا فيها تجربتهم المهنية والإنسانية خلال الحرب.
.jpg)
صفاء الهبيل – مراسلة الاتحاد في قطاع غزة
أكّدت الصحفية صفاء الهبيل أن دور المراسل لا يقتصر على نقل مشاهد الدمار، بل يشمل اختيار الزاوية الإنسانية للرواية الفلسطينية، وقالت: "الكاميرا لا تقف أمام الدبابة، لكنها قادرة على فضحها أمام العالم".
وأشارت إلى أن أبرز التحديات تمثلت في نقص المعدات وضعف الإمكانيات التقنية والانقطاع المتكرر للاتصال والكهرباء، إلى جانب الاستهداف المباشر للطواقم الصحفية والطبية، لكنها شددت على أن ما يقدمه المراسلون اليوم هو "أمانة مهنية ووطنية وإنسانية".
وإلى جانب حديثها عن المخاطر، أشارت صفاء الهبيل إلى أن العمل في قطاع غزة فرض عليها تعلّم مهارات جديدة في المونتاج والصوت والتصوير الذاتي بشكل سريع، في ظل غياب الطواقم الفنية أحيانا.
وقالت: "في كثير من الأحيان أضطر إلى أن أكون الصحفية والمصوّرة والممنتجة في آن واحد. الحرب جعلتنا نمتلك أدواتنا بأيدينا، ودفعتنا لتطوير مهاراتنا التقنية لأن الصورة الجيدة ليست رفاهية بل جزء من مصداقية الخبر".
كما أكدت أن كل تقرير هو معركة بحد ذاته بين الحفاظ على المهنية وبين مقاومة الانهيار النفسي أمام المشاهد القاسية، لافتة في هذا الخصوص الى أن طاقم الاتحاد ظلوا يؤكدون دوما على سلامة المراسل الصحفي وهذا بالتأكيد يرفع معنويات المراسل ويجعله يشعرأن هناك أمانة إنسانية ومهنية و وطنية لدى القائمين على الاتحاد
.jpg)
فؤاد جرادة – مراسل الاتحاد في غزة
من جانبه، وصف الصحفي فؤاد جرادة تجربة الاتحاد في الأراضي الفلسطينية وخاصة في غزة بأنها "مدرسة مهنية بكل المقاييس"، مشيرا إلى أنه رغم انقطاع الاتصالات واستهداف الصحفيين وصعوبة التنقل، تمكن المراسلون من تقديم مواد ذات قيمة إخبارية عالية، اعتمد بعضها على لغة الأرقام لإبراز حجم الكارثة الإنسانية.
وأضاف: "بعد أكثر من عشرين عاماً في الإعلام، وجدت في العمل مع الاتحاد مدرسة تحريرية جديدة تقوم على الدقة اللاّمتناهية في إيصال الحقيقة والمعلومة".
وركّز فؤاد جرادة في مداخلته على البعد التحليلي للتغطية الإخبارية، مبينا أن الحرب على غزة ليست مجرد صور دمار، بل تتطلب معالجة معلوماتية دقيقة لتوضيح حجم الكارثة.
وأشار إلى أنه حاول في تقاريره أن يوازن بين الصورة والعدد، فـخَلْف كل 10 آلاف منزل مدمّر، هناك عائلات بلا مأوى، وخلْف كل رقم جريح هناك قصة لا تنتهي عند المستشفى.
كما اعتبر أن تجربته مع الاتحاد شكّلت "مدرسة تحريرية صارمة" جعلته أكثر دقة في اختيار كلماته وتحديد زاوية كل قصة.
.jpg)
ميساء الأحمد – مراسلة الاتحاد في الضفة الغربية والقدس المحتلة
بدورها، أكدت الصحفية ميساء الأحمد أن المراسلين يعملون يومياً “على خط النار” دون حماية دولية، موضحة أن الاحتلال يعمد إلى مصادرة المعدات ومنع الوصول إلى مواقع الأحداث، فضلاً عن الاعتداءات الجسدية والاعتقالات المباغتة.
وقالت: "كل صورة نلتقطها هي شهادة للتاريخ، نعلم أن الكلمة الحرة قد تكلفنا حياتنا ومع ذلك نخرج كل صباح، لأننا نؤمن أن الصمت أخطر وأن واجبنا أكبر من خوفنا .
ووصفت ميساء الأحمد في مداخلتها العمل في الضفة الغربية والقدس المحتلة بأنه سباق دائم مع الوقت والمخاطر، موضحة أن الصحفي هناك يواجه ثلاثة مستويات من التقييد:
- الملاحقة الميدانية على الحواجز العسكرية
- الرقابة الإسرائيلية على الأجهزة والمعدات
- العنف المباشر من المستوطنين والجنود خلال التصوير
وأضافت أنه لا يكفي أن تمتلك الكاميرا، بل يجب أن تمتلك الحيلة، قائلة: "أحيانا نضطر للتصوير بهاتف عادي أو عبر نوافذ السيارات حتى لا تُصادر معداتنا، فــنحن لا نروي القصص فقط، بل ننتزع حقنا في روايتها".
.jpg)
أكثر من 5500 موضوع على مدى 735 يوما"
وقدّم الأستاذ أحمد إبراهيم، رئيس قسم المحتوى والتبادل بمركز التبادل الإخباري والبرامجي بالجزائرالتابع لاتحاد إذاعات الدول العربية، تقريرا مجسّما حول مضامين وإحصاءات التغطية التلفزيونية للحرب على فلسطين (قطاع غزة – الضفة الغربية – القدس المحتلة)، التي يوفرها الاتحاد عبر مراسليه الخاصين.
وأشار في عرضه إلى أن المراسلين أرسلوا خلال الأيام الأولى لوقف إطلاق النار الأخير أكثر من 114 موضوعا ميدانيا، توزعت بين 65 تقريرا من غزة و49 من الضفة والقدس المحتلّة، شملت قصصا إنسانية من المستشفيات ومراكز الإيواء، ومواد توثق مظاهر الفرح بالإفراج عن الأسرى وعودة بعض النازحين إلى منازلهم المدمرة.
أما عن اجمالي الأرقام فقد أنجز مراسلو الاتحاد أكثر من 5500 موضوع على مدى 735 يوما توزعت مضامين هذه المواد بين 40% تقارير ميدانية، و30% قصص إنسانية، و20% ملفات تحليلية، و10% تقارير مصوّرة حول الوضع الصحي والإغاثي .
وفضلا عن الاستفادة الكبرى للهيئات التلفزيونية العربية الأعضاء في الاتحاد من هذه التغطية فإن اللافت هو حجم استفادة الهيئات التلفزيونية في الاتحادات الإذاعية الشريكة والذي بلغ 2287 موضوعا موزعة بين اتحاد الإذاعات الأوروبية واتحاد الإذاعات الآسيوية واتحاد إذاعات أمريكا اللاّتينية.
.jpg)
مدير عام الاتحاد: "مراسلو اتحاد إذعات الدول العربية جديرون بالتكريم"
وتعليقا على ماورد في مداخلات المراسلين وتقرير مركز التبادل توجّه المدير العام للاتحاد المهندس عبد الرحيم سليمان بتحية إكبار وتقدير لمراسلي الاتحاد الذين كان لهم الفضل الأكبر في نجاح التجربة الأولى من نوعها في تاريخ تغطية الاتحاد للأحداث، وهو ما يجعلهم جديرين بالتكريم الذي سيسعى الاتحاد الى إنجازه عندما تسمح الظروف بذلك.
كما توجّه بالشكر لهيئة الاذاعة والتلفزيون الفلسطينية على تعاونها الوثيق مع الاتحاد في إرساء هذه التجربة وتوفير ظروف المواصلة والنجاح لها رغم ظروف الحصار والعدوان والاستهداف الاسرائيلي الممنهج للطواقم الإعلامية.
وأضاف أن الصدى الذي لقيته هذه التجربة وخصوصا نجاحها في إيصال حقيقة الأوضاع في فلسطين الى الجمهور غير العربي في أوروبا وآسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية، يعطي حافزا كبيرا للاتحاد لتوسيع مدى التجربة لتشمل مناطق أخرى تشهد حروبا ونزاعات في المنطقة العربية، وأن أحد الأهداف الرئيسية من ذلك هو إيصال الخبر العربي الى الجمهور غير العربي لكن بعيون عربية.
.jpg)
ممثّل اليوروفيزيوزن: "لولا اتحاد إذاعات الدول العربية لما تمكّنا من تغطية الحرب على غزة"
قال ايميليو سان بيدرو مدير التبادل الإخباري في اتحاد الإذاعات الأوروبية في مداخلته خلال الندوة: "أعتقد أنه من العدل أن نقول إننا لم نكن لنتمكن من تغطية حرب غزة وقصف إسرائيل والآثار التي خلّفها ذلك على السكان هناك، لولا التغطية التي قدمها اتحاد إذاعات الدول العربية والتي كانت حاسمة.
كانت التغطية تتألف من تقارير إخبارية ممتازة أظهرت المعاناة الحقيقية للشعب، وفي وقت لم يكن فيه لمعظم أعضائنا في اتحاد الإذاعات الأوروبية أي وصول إلى غزة، حيث كان صحفيوهم ممنوعين من دخول غزة من قبل إسرائيل .
لقد أبقت تغطية مراسلي الاتحاد ذلك الجزء من القصة حياً؛ ما كان يحدث طوال هذا الوقت للشعب الفلسطيني في غزة: الجوع، حالة المجاعة ، معاناة العائلات، الاضطرار المستمر للانتقال والهرب من القصف، كل هذه الأمور تم توثيقها بشكل جيد للغاية من قبل مراسلي اتحاد إذاعات الدول العربية، ونحن ممتنون جداً لهم على ذلك".
.jpg)
ممثّل الآسيافيزيوزن: " المواد التي يوفرها لأعضائنا مراسلو اتحاد إذاعات الدول العربية في غزة هي مواد استثنائية بكل المقاييس
وقال ايندرا براكاش سينغ مدير الأخبار في اتحاد الإذاعات الآسيوية خلال مداخلته في الندوة: " أعتقد أنها شراكة مهمة للغاية تربطنا باتحاد إذاعات الدول العربية الذين كانوا رائعين للغاية، حيث أن كل المواد التي يوفرها لأعضائنا مراسلو الاتحاد في غزة هي مواد استثنائية بكل المقاييس، وشيء يتجاوزكل التوقعات.
إن كل واحد من أعضائنا يقدّر ذلك جيدا فقد أظهر الصحفيون للعالم ما يحدث بالفعل في المنطقة، هؤلاء الصحفيين عرّضوا حياتهم للخطر من أجل إيصال الحقيقة إلى شعوب العالم، ونحن جميعًا نقف متضامنين معهم جميعًا" .
.jpg)