مؤتمر الإعلام العربي الرابع في بغداد: الإعلام العربي على خط المواجهة مع تغيّر المناخ

في مدينة بغداد، وتحديدًا في الفترة الممتدة من 20 إلى 24 مايو 2025، تستعد الجمهورية العراقية لاحتضان الدورة الرابعة من مؤتمر الإعلام العربي، الحدث السنوي الذي ينظمه اتحاد إذاعات الدول العربية، وهذه المرة بالشراكة مع شبكة الإعلام العراقي، في خطوة تعدّ الأولى من نوعها خارج مقرّ الاتحاد في تونس. ويأتي المؤتمر لهذا العام تحت عنوان بالغ الأهمية والراهنية: “دور الإعلام في مواجهة التغيّر المناخي”، في وقت تتصاعد فيه التحديات البيئية إقليميًا وعالميًا ، وتتزايد الحاجة إلى صوت إعلامي فاعل ومسؤول.


نحو إعلام عربي يواجه الكارثة البيئية بصوت واحد
منذ انطلاقه في عام 2021، كرّس هذا المؤتمر نفسه كمنصة فكرية ومهنية عالية المستوى، تناقش بعمق القضايا الكبرى التي تمسّ الإعلام العربي من جهة، ومجتمعاته من جهة أخرى. ومع وصوله إلى نسخته الرابعة، يختار المؤتمر هذه المرة الدخول في صلب معركة التغيّر المناخي، باعتبارها قضية وجودية تتقاطع مع كل القطاعات الأخرى: الاقتصاد، الصحة، التنمية، الأمن الغذائي والهجرة، مما يستدعي تعبئة إعلامية  وشاملة.
 
ورشتا عمل تمهيديتان: التكنولوجيا في خدمة البيئة
 يُستهل المؤتمر بورشتين تخصصيتين يوم 21 مايو/أيار، وهما:
- “الإنذار المبكر للجميع – EW4All” والنوعية”، التي تبحث في كيفية تعزيز قدرة الإعلام على نشر التحذيرات البيئية، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)، وتجارب من BBC  واتحاد الإذاعات الآسيوية  ووزارة البيئة العراقية.
- “توظيف الذكاء الاصطناعي في إعلام المناخ”، والتي تسلط الضوء على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في إنتاج محتوى بيئي مخصص، وتحليل اهتمامات الجمهور، والتعامل مع المعلومات الزائفة. ويشارك في الجلسة نخبة من الباحثين والخبراء من تونس والصين والعراق، وسوريا.
هاتان الورشتان تشكلان مدخلًا عمليًا للمؤتمر، وتبرزان التزام المنظمين بالجمع بين الخبرة التقنية والتخصص الإعلامي، من أجل تأسيس خطاب بيئي عربي عصري.

محاور المؤتمر الأربعة: رؤية شاملة ومعمقة
يتناول المؤتمر عبر جلساته الممتدة على يومي 22 و23 مايو/أيار أربعة محاور رئيسية:
- مدخل إلى التغيّر المناخي: الأسباب والمخاطر
يقدم هذا المحور الخلفية العلمية للظاهرة، ويركّز على الأسباب البنيوية، والأثر الملموس للتغيّر المناخي على الأفراد والمجتمعات، لا سيما من خلال القصص الإنسانية التي تبرز هشاشة الواقع العربي أمام الكوارث المناخية.
- واقع الإعلام العربي في تغطية قضايا التغير المناخي
محور نقدي تحليلي يناقش كيفية تعاطي الوسائل الإعلامية مع هذه الظاهرة، ومدى التزامها بالمهنية والعمق في تغطية ملفات المناخ، مع التركيز على الإعلام المتخصص، وصحافة الحلول، وتجارب منصات عربية رائدة في المجال البيئي 
- الشراكات الدولية والمجتمع المدني : نحو عمل مناخي جماعي
يتناول دور المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة واليونسكو، والمجتمع المدني العربي، في دعم جهود الإعلام. ويناقش هذا المحور أهمية نقل المعرفة، ومخرجات قمم المناخ، وتعزيز التعاون بين الإعلام والعلماء والمنظمات البيئية.
- التكوين والتدريب الإعلامي في المجال البيئي
يُسلّط الضوء على فجوة التكوين في الإعلام المناخي، ويدعو لتطوير مهارات الإعلاميين عبر تدريب متخصص، يدمج التكنولوجيا وأخلاقيات المهنة والتحقق من الأخبار، لمجابهة التحديات المعقدة للمناخ والمعلومات الزائفة.

إعلان بغداد: مرجعية إعلامية عربية لقضايا المناخ
ويُنتظر أن يُختتم المؤتمر بـ “إعلان بغداد”، وثيقة توجيهية تضم أبرز ما جاء في النقاشات والورشات، وتقدّم توصيات عملية وقابلة للتنفيذ. يُرتقب أن يشكل الإعلان إطارًا مرجعيًا للعمل الإعلامي العربي المناخي، يساعد في بلورة سياسات إعلامية وطنية مستنيرة، وشراكات إقليمية ودولية قائمة على التأثير المشترك.
 
رؤية استشرافية للمستقبل
يمثّل المؤتمر الرابع للإعلام العربي محطة استراتيجية في مسار الإعلام البيئي العربي، لا لأنه يناقش التغير المناخي كظاهرة فحسب، بل لأنه يعيد تعريف وظيفة الإعلام في العصر البيئي الرقمي، ويدعو لبناء إعلام عربي جديد يتقاطع مع العلم، والتكنولوجيا، والمجتمع، والقرار السياسي.
من بغداد، تنطلق هذه الرسالة الواضحة:
“الإعلام العربي ليس مراقبًا لتغيّر المناخ، بل شريكًا رئيسيًا في مواجهته، وصوتًا مسؤولًا لحماية الحياة والكوكب.”